غزة على الصليب
إن ما نرى ونتكلّم عنه، في أفق مجلل بضباب الحرب، لن يبقى على حاله بعد صمت المدافع. وهذا ما يتجلى، دائماً، عندما يرغمنا الابتعاد عن الحرب فترة كافية من الوقت على التمييز بين نهاية الحرب، وتوقّف القتال، واكتشاف حقيقة أن للحروب تداعيات مباشرة وغير مباشرة، مرئية وغير مرئية، قد تكون غير المرئية منها أشد خطورة، وأبعد أثراً من نتائجها المباشرة.
لذا، ثمة ما يبرر التمييز بين ما يبدو كوقائع على الأرض، وتأويلاتها المحتملة.
ثمة ما يحتضر، وما أصيب بجراح قد تقتله أو تشفيه، وثمة ما يُولد، في الحواضر العربية، في سياق الحرب الدائرة الآن.
هي حرب الصراع على دور القوّة الإقليمية. وبما أنها كذلك فإن بلاد الشام مجالها الحيوي، وميدانها المفتوح، نتيجة إكراهات جغرافية، وضرورات عسكرية وسياسية وبما أن المجال الحيوي لتأمين بلاد الشام، يشمل الجناحين المصري والعراقي، إضافة إلى تأمين موارد وامدادات النفط، وطرق الملاحة والتجارة الدولية، فهذا يعني أن تأمين بلاد الشام يستدعي مجالاً حيوياً يغطي تركيا وإيران.